لحظة مصيرية .. قد تفصلك عن نعيم النجاح أو جحيم اليأس !!

لحظة مفصلية واحدة قد تهوي بالإنسان إلى أعماق القاع أو ترتفع به نحو القمة. وحده ذلك الإنسان من يحدد أي الاتجاهين يريد أن يسلك. ووحده من يملك العزيمة والإصرار والرغبة بالحياة من يرتفع نحو القمة أكثر كلما واجه مصاعب أكبر. نعم! وحده ذاك من يؤمن بالقدرات الكامنة التي وضعها الله في داخله ليواجه أنياب الحياة الحادة ولسعات تلك الأفعى اللعينة السامة – اليأس – ويتلقى الضربات الموجعة ليعاود الوقوف من جديد بظهر أقوى وعزيمة لا تقهر. ليس هذا من نسج الخيال وإنما من حيوات أشخاص ألهموا الكثيرين وعلموهم بأن النهاية تكون فقط عندما نختار أن نستسلم ونجلس جانباً على قارعة الطريق منتظرين ملك الموت أن يقبض رماد أرواحنا التي أهلكها اليأس والاكتئاب وآملين من أحبائنا أن يقوموا بدفن جثماننا في أحشاء الأرض التي غادرناها دون ترك بصمة تذكر من تركناهم بنا وإن طالت السنين.

خلدون سنجاب، وبعد تلك اللحظات المصيرية التي غيرت مسار حياته تماماً وهو في سن الثامنة عشر من عمره فقط، قد اختار أن يتخذ من أشلاء تلك الصخرة القاسية التي أسقطتها الحياة على جسده اليافع حجار أساس لبناء سلم الصعود نحو القمة. حادث تعرض له في ذلك العمر الفتيّ أدى إلى إصابته بالشلل الرباعي وشللٍ في الحجاب الحاجز سلبه كل أنواع الحيوات الطبيعية التي يعيشها أي شاب في أول عمره. ذلك الجسد الذي التزم الفراش والمنفسة الكهربائية منذ ذلك الحين لم تستطع عدم قدرته على الإحساس والتواصل مع أطرافه منعه من الحلم بلا حدود.

بشفتيه ولسانه فقط يدير خلدون عدداً من المواقع الالكترونية لشركات تعاقد معها، ويعمل بالبرمجة وإدارة سيرفرات لينكس. وبعد العمل الدؤوب والمثابرة بدأ خلدون بتأسيس عمله الخاص من خلال استئجار مخدم خاص به وتأجيره للزبائن والتواصل المباشر معهم باسمه الخاص. كما لم تمنعه تبعات الحادث من تقديم يد العون لطلاب الجامعات في مشاريع تخرجهم وغيرهم من جميع الفئات التي طلبت مساعدة خلدون ثقة منهم بخبراته الواسعة والمفيدة.

والأكثر من ذلك، تزوج خلدون من امرأة مطلقة لديها ابنة اتخذت خلدون أباً ثانياً وعزيزاً لها. زوجة خلدون تزوجته بعد قصة حب جميلة وعميقة توجها الزواج ليتشارك كل منهما الحياة بمتاعبها ولحظاتها الجميلة. يقوم خلدون بتعليم ابنة زوجه الصغيرة ومساعدتها في دروسها ووظائفها وتقوم هي بدورها بمشاركة والدتها برعايته والبقاء بجانبه ومراقبته أثناء عمله. والملفت في الأمر أن خلدون قد اعتمد على نفسه في تكاليف الزواج من شراء البيت وتكاليف الخطوبة والزواج كاملة وذلك من دخله الخاص ولم يعتمد أو يطلب من أحد أي عون أو مساعدة أبداً.


الخلاصة تختصر في عينيّ هذا الإنسان اللتان تملؤهما الحياة والإرادة وقلبه المؤمن بذاته وبعقله الغني بالمعارف والخبرات والعزيمة التي لا تقهر وبقدرته على مواجهة جميع الضربات التي توجهها له الظروف والحياة تباعاً منذ اللحظة المصيرية التي قلبت حياته رأساً على عقب وحتى الآن. خلدون ما هو إلا قدوة واحد من بين العشرات ممن رفضوا الاستكانة للمصاعب والعقبات وقرروا أن يقاتلوا لمواجهة الحياة بهامات قوية وصدور يملأها الأمل والعزيمة والإصرار.


Comments