نعم، الوسائل واحدة ولكن ...

في المقال السابق تحدّثت عن أهمّية الوسائل المتاحة لنا بفضل التكنولوجيا الحديثة وعن أهمّية استثمارها بالشكل الصحيح. وأهم نقطة كنت قد ركّزت عليها هي أن هذه الوسائل متاحة للجميع وفي كل بقاع الكرة الأرضيّة، وهي واحدة لنا جميعاً .. ولكن ..
ينقسم الناس بالنسبة لمعرفة هذه الوسائل إلى عدة فئات:
الفئة الأولى: لا يعرفون عن هذه الوسائل شيئاً.
الفئة الثانية: يعرفون هذه الوسائل إلا أنّهم لا يدركون أهمّيتها وقد يعتبرونها ضرباً من الرفاهية.
الفئة الثالثة: يعرفون هذه الوسائل إلا أنّهم يستخدمون الحدّ الضار منها والذي لا يُمثّل بالنسبة لهم سوى التسلية وإضاعة الوقت في أشياء لا تسمن ولا تغني من جوع.
الفئة الرابعة: يعرفون هذه الوسائل ويدركون أهمّيتها ولكنّهم لا يعرفون كيفية الوصول إليها واستثمارها.
وأمّا الفئة الخامسة: فيعرفون هذه الوسائل وأهمّيتها وكيفية استثمارها حقّ المعرفة.
وبالتالي، فمن واجب الفئة الخامسة أنت تكون قائداً ودليلاً لكلٍّ من الفئات الأربعة السابقة حتى تزداد نسبتها وتقلّ نسبتهم إلى شبه الانعدام يوماً ما.

قبل أن أبدأ، دعوني أضع الكثير من الخطوط الحمراء تحت "مفتاح" الحصول على أفضل هذه الوسائل إلا وهو: "اللغة"
نعم، اللغة هي مفتاح مهم للأسف أُعطي لنا في التعليم الأكاديمي غالباً بشكل خاطئ ولربما بسبب ذلك أصابه الصدئ عند الكثير منّا لعدم الاهتمام به ونفض الغبار عنه بشكل ذاتيّ. جميع الوسائل التي سأذكرها لكم تحتاج منكم إلى معرفة، متوسطة على الأقل، باللغة الإنكليزية. طبعاً، سيقفز في وجهي أحدهم الآن ويقول: ما الفائدة من مقالك هذا ما دامت الوسائل ليست بلغتنا الأمّ؟!
أصدقائي وصديقاتي، اللغة الإنكليزية هي اللغة العالمية السائدة في معظم أنحاء العالم. وفي كلّ مرة أراد أحدهم إيصال نتائج أفكاره وأبحاثه إلى ثقافاتٍ أخرى، نراه يترجمها إلى اللغة الإنكليزية وينشرها إلى جانب البحث بلغته الأم. ولجوءنا إلى لغة أجنبيّة لاستقاء العلم منها ليس أمراً معيباً ولا يدلّ على انتقاص من قيمة لغتنا العربيّة أبداً، فبالنهاية لا يوجد مجتمع يستأثر بكافة العلوم والأبحاث لنفسه، وما العلم إلا نتاجُ جميع الحضارات بمختلف ثقافاتها ولغاتها.
إذاً، من سيقول لي: لا يمكنني استثمار هذه الوسائل لأن لغتي الإنكليزيّة ليست قويّة بما يكفي، سأقول له، استثمرها لتقوِّ لغتك أولاً قم بنقل الاستثمار إلى علومٍ ومعارف أخرى.

إذاً، ما هي هذه الوسائل العجيبة التي ستساعدنا، حتى وإن لم نكن ذوي شهاداتٍ أكاديميةٍ، على تطوير ذواتنا والارتقاء بأنفسنا؟

1. منصات التعليم الإلكترونية (وتدعى أيضاً MOOCs):
تُعدّ هذه المنصّات من أفضل الوسائل لما تحمله في جعبتها من معلومات غفيرة في كافة المجالات. والحقيقة، التي لا يعرفها الكثيرون، أن الكثير منها يُقدّم محتواه بشكلٍ مجانيّ أو شبه مجانيّ لكل طالبٍ يسعى لتطوير مهاراته ومعارفه.
أهم هذه المنصّات: Coursera - Edx - Udemy - Shaw Academy - Udacity - Future Learn
طبعاً، هنالك الكثير غيرها إلا أن هذه المنصات تعدّ الأقوى عالمياً نظراً لأن الكثير من الورشات أو الدورات التعليمية فيها يتم تقديمه من قبل جامعات عالمية رائدة.

2. حبيب الجماهير (YouTube):
طبعاً، الكثير منا لا يستخدمه إلا لمتابعة المسلسلات أو مشاهدة الأغاني، إلا أن اليوتيوب منصّة هائلة تحتوي على ما لا يخطر لكم من فيديوهات تعليمية في مجالات حتى قد لا تكون علمية فقط وإنما مجالات حياتيّة، كالطبخ والأشغال اليدوية وتنمية الذات واللغات وغيرها من الأمور التي لا تُعدّ ولا تُحصى.
أنصحكم شخصيّاً بمتابعة هذه القنوات لما لها من فوائد مختلفة وجميلة وممتعة في نفس الوقت:
وبالطبع هنالك أيضاً الكثير من القنوات الأخرى الرائعة. يمكنكم الإطلاع على هذا المقال لمعرفة 60 قناة يوتيوب مفيدة للغاية في مجالات مختلفة ومتنوعة.
3. المجهول عند الأغلبية (TED):
ما هو TED؟ هو مؤتمر عالمي يحصل سنوياً في كندا تحت شعار "أفكار تستحق الانتشار" يتم من خلاله صعود العديد من المبدعين في مختلف المجالات على السجادة الحمراء على خشبة المسرح والتحدّث حول قصّتهم الملهمة أو أفكارهم الجديدة.
لم يقف الأمر عند ذلك فحسب فقد تم إنشاء ما يسمى بـ TEDx وهو مؤتمر محليّ يتم ترخيصه من قبل TED وتنظيمه من قبل مجموعة من الشباب في البلد الذي سيُقام فيه.
إضافة إلى وجود مشروع يدعى TED-Ed وهو موجّه بشكل خاص إلى طلاب المدارس حيث يتم من خلاله شرح الدروس المختلفة للعلوم والكيمياء والرياضيات والأدب وغيرها من خلال فيديوهات "Animation" رسوم متحركة توصل الفكرة بمتعة أكبر وطريقة أجمل بكثير من طرق التعليم التقليدية.
من الجدير بالذكر أن جميع فيديوهات المشاريع الثلاثة السابقة تتم ترجمتها إلى أكثر من 100 لغة حول العالم من قبل متطوعين في "مشروع الترجمة المفتوح / TED Translators" لإيصال الأفكار المبدعة إلى أكبر قدر ممكن من الأشخاص من مختلف الثقافات والبلدان واللغات والأعمار والمجالات.
يمكنكم متابعة كل ما يتعلق بهم من خلال الروابط التالية: TED - TEDx - TED-Ed

4. قنوات البث (Podcasts):
تتسم هذه القنوات بسلاسة التعامل معها كونها تنقل المعلومات إليكم بواسطة الصوت فقط، وبالتالي ليس عليكم النظر إلى الشاشة عند الاستماع إليها ويمكنكم متابعتها في الأوقات المهدورة في المواصلات والطريق والاستراحات والانتظار وغيرها. يوجد العديد من تطبيقات البث التي يمكنكم تحميلها على هواتفكم الذكيّة والاستماع من خلالها إلى العديد من القنوات التي تبثّ معلوماتٍ في مختلف المجالات العلمية والثقافية والإخبارية واللغات وغيرها.
إليكم مجموعة من هذه القنوات في هذا المقال.
5. القراءة:
منذ العديد من السنوات والقراءة هي أهم وأكثر وسائل التعلّم واكتساب المعارف انتشاراً وهي السائدة حتى هذا الوقت رغم التطور التكنولوجي الذي أوجد لنا الكثير من الوسائل الأخرى.
إليكم موقع GoodReads والذي يتم وضع قوائم للكتب فيه مع لمحة عنها وعن كاتبها بالإضافة إلى تقييم الأشخاص لها وبعض المقتطفات لكل كتاب. وهو الأمر الذي سيساعدكم على إيجاد أسماء الكتب التي تودّون قراءتها بسرعة أكبر.

6. المدوّنات (Blogs):
هنالك العديد من المدوّنات التي انتشرت في الآونة الأخيرة والتي يكتب فيها العديد من الأشخاص من مختلف المجالات وبمواضيع متنوعة ومفيدة وممتعة في نفس الوقت. وتكمن أهمّية هذه المدوّنات في أنها ليست حكراً على الكتّاب وأصحاب الشهرة من العلماء وإنما يمكن للكثيرين مشاركة أفكارهم من خلالها.
إليكم بعض أهم المدوّنات: Medium - VOYHuffington Post - AraGeek - Entrepreneur - James Clear - Quora - Tumblr
بالإضافة إلى مجموعة المواقع المذكورة في هذا المقال.
http://www.vretoolbar.com/articles/directories.php

7. وسائل التواصل الاجتماعي (Social Media):
بعد الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي لم تعد حكراً على التواصل الاجتماعي والتسلية فقط بل أصبحت وسائل مهمة في تبادل الأفكار والمعارف والعلوم لطلاب المدارس والجامعات والدراسات العليا. وكذلك للبحث عن فرص عمل وتدريب وتعلّم ومنح دراسية والكثير من الأمور الأخرى، لذا، استثمروها بشكل صحيح ولا تجعلوها إدماناً قاتلاً لإبداعكم وعقولكم وإضاعة وقتكم فقط.

8. وأخيراً، المحيط الكبير والحوت العملاق (Google):
والذي يمكنكم من خلاله، وهو محرّك بحث، أن تصلوا إلى جميع ما سبق وأكثر بكثير من البحوث والدراسات والمقالات والفيديوهات والكتب والملفات الصوتية والمكتوبة والصور. وكلّ ما عليكم فعله هو كتابة بعض الكلمات المفتاحية لما تريدون الحصول عليه وسيقوم هو بباقي المهمة.
تنويه مهم: رجاءً كونوا أذكياء في كتابة هذه الكلمات المفتاحية فكتابة جمل طويلة لن توصلكم لشيء مما تريدون، فلتكن كلماتكم المفتاحية معبّرة عن موضوع البحث ببساطة دون شرح.

في النهاية، نصيحتي لكم استثمروا هذه الوسائل وغيرها لتطوير مهاراتكم وعقولكم وذاتكم، واستثمروا الوقت المهدور في الحافلة والانتظار في عيادة الطبيب وغيرها، أو حتّى عند انقطاع الكهرباء وخاصة لمن يمتلك هواتف ذكيّة أصبحت بمثابة حواسيب صغيرة يمكننا من خلالها الوصول إلى جميع الوسائل التي ذكرتها بسهولة.

هذه النصائح، كنت قد افتقدتها ولأنني أدركتها متأخرةً، كان لابدّ لي من إخبار كل من حولي بها لألّا تضيع سنواتهم لإدراكها هم أيضاً. وأتمنى أن تكونوا قد حصلتم على الفائدة المرجوة من هذا المقال. ولا تترددوا في سؤالي حول أيّ مما ذكر فيه.

#غاليلوو 💗


Comments

  1. مقال كتير حلو
    بتمنالك التوفيق والنجاح

    ReplyDelete
  2. رح احفظ المقال عندي بالبوكماركس وأرجعلو، أنا من الفئة الرابعة او الخامسة يمكن، بدي ضيف عن يلي حكيتيه الأبليكيشنز يلي هنن غالبا أدوات لتساعدنا نعمل كتير أشيا متل أبليكيشنز تنظيم الوقت أو ألعاب العقل او في منهن لنحافظ على إيجابيتنا ونعمل عادات صحية وغيرها وغيراتا من الأدوات يلي بتسهل حياتنا وبتضيف لألنا.

    ReplyDelete
  3. مقال بغاية الروعة والفائدة غالية
    اضفلي العديد من المعلومات
    شكرًا كتير

    ReplyDelete

Post a Comment