في عيد ميلادي السادس والعشرين .. أكتب إلى نفسي!

منذ أربعة أعوام ..
كنت أظنّ أن الأحلام الجميلة محصورةٌ في وجه ذاك الفارس النبيل، وحصانه الأبيض، وقصرٍ أنا سيدته
كسائر الفتيات .. وكانت الأحلام إن كبرت كثيراً فقد تتسع لشهادةٍ جامعيةٍ أو مهنةٍ ما
كنت حينها في الثانية والعشرين من عمري .. لم أكن إلا طفلةً حالمة ترى الدنيا بعينٍ ورديّة
حتى صفعتني الحياة بقسوةٍ لينكشف الغطاء عن عينيّ وأرى الحياة بعينين جديدتين
عندها عرفت أن الفارس النبيل لن يأتي إذا ما أصبحت بنفسي أميرةً نبيلة لا تتسع أحلامها إلى الترّهات التي يملؤون عقول الفتيات بها منذ ولادتهنّ إلى الحياة .. وأن القصر لن يكون قصراً إذا ما عشتُ فيه مع أحلامٍ صغيرة ألدها وأربّيها وألاحقها حتى تكبر وتنطلق خارج القصر إلى العالم الواقعي وتثبّت أقدامها فيه
وأخيراً .. أن الحصان الأبيض، ما هو إلا إرادتي وشغفي لأن لا أموت فتاةً عاديةً مرّت في هذا العالم مرور الكرام، لم تزد ولادتها ولم تُنقص ميتتها أيّ شيء .. كأيّ حجر جرفته مياه النهر الجارية إلى ضفة الحياة، رسى هناك حتى جاءت صاعقةٌ فتت جسده واختفى
كم أتمنى الآن، أن أنتزع جميع القصص الخرافيّة من أرفف الأطفال وأستبدلها بقصص حقيقية، تعلّمهم أن يصبحوا أبطالاً، لا أبداً، لا أقصد سوبرمان هنا ولا حتى سندريلا، بل أقصد أبطالاً في حكاياتهم الخاصة الفريدة.
وحدهُ كل إنسان قادرٌ على كتابة السيناريو الأجمل لقصّته، فقط إن قرر أن يكون سيد القلم وأمير الحبر المنسكب على صفحات القصة
منذ أربعة أعوامٍ .. ولدتُ في سن الثانية والعشرين ..
عمري الآن أربعةُ سنين .. لديّ سنّان لبنيان من الخبرة، وشعيراتٌ ناعمةٌ في رأسي بعضها أهدى لونه للعجوز المتوفية في ماضيّ، والبعض الآخر ما زال ينسدل مكانه منتظراً تاج الأميرات يغطّيه
طولي اثنان وعشرين شبراً، في كلِ شبرِ تتسلق حكاية، وفي كل حكايةٍ تختبئُ ألفٌ أخرى
وحدهُ قلبي، ما احتفظت به قبل أن أدفن تلك العجوز القابعة داخلي، وأولد من جديد
ذلك أنه الوحيد الذي يضجّ بي، بأحلامي، بمخاوفي، بهواجسي، بأخطائي، بخطواتي المتعثرةِ وتلك الواثقة، بضوئي وبعتمتي، بكل ما أحبّ وما أكره، بكل دموعي وضحكاتي ..
حملها معه، وحملني، وحمل كل تفاصيلي إلا تلك الأغلال التي كانت تلتف على عنقي، والأصفاد التي تبتلع كل ما هو جميل بي
دمّرها، أحرقها، وخبّئ رمادها في قارورة .. حتى يستمدّ منها القوّة كلما نسيَ أنه استطاع الصمود مرةً والنهوضَ ألف مرة
وأنه في حين انهار كل ما حوله، انتفض من الركام، وعاد إلى الخفقان من جديد!
#غاليلوو 💗


Comments

  1. أديش العالم الافتراضي قرب المسافات؟!
    سبحان مدبّر الامر .. يلي أنار بصيرة الانسان للاتيان بهالوسائل يلي كفيلة تقرب ارواح تتعلم وتلمع مع بعض ..
    شكرا من القلب لشجاعتك باختيار قرار التدوين .. تانيا لمشاركتك مع بنات جيلك وغيرهم القصص يلي ما عاشها بحلوها ومرّها غيرك!
    بالتوفيق والسداد يا رب ..

    ReplyDelete

Post a Comment